اللهم ارزقنا حفظك لأمرك وحفظك لنا
من شر الدنيا وخزي الآخرة ..
[size=16]بسم
الله الرحمن الرحيـــــــــــم ..
أما بعــــــــــــد ،،
إن من روائع أسماء الله تعالى ذلك
الاسم الذي هو ملاذ كل خائف ومطمع كل ضعيف
ومبتغى كل إنسان ..
ذلك الاسم الذي به يسير الصالحون
وعليه يعتمد المفلحون فحين ترى مصائب الدنيا
تجد عباده في حرز متين وسياج منيع من
تلك المصائب التي تودي بهم في وديان الردى
هذا الاسم هو ( الحفيظ ) ..
فلو تأمل العبد في واقعه أثر هذا
الاسم لوجد العجب من تعظيم الله تعالى ومحبته فترى
من خلص من هلكة وآخر نجا من مصيبة
وقريب استيقظ من غفلة وبعيد حُفظ من فتنة
كل ذلك بحفظ الله ورعايته للعباد
مسلمهم وكافرهم إنسهم وجنهم ..
وحتى تُدرك الصورة بوضوح إليك تلك
النماذج من حفظ تعالى لعباده ..
( في بطـــــــن الحــــــــوت )
هذا يونس عليه السلام خرج من قومه
مغاضبا فما كان من الله إلا عتابه بإلقائه في بطن
الحوت .. وتأمل نبي من الله في ظلمة
من ظلمات في ظلمة بطن الحوت في وسط لجيٍ من
الموج شديد ..
ماذا فعل به الحوت ؟؟!!
ما خدش له لحما ولا كسر له عظما كما
يقوله أهل التفسير .. لماذا ؟؟
الجواب : لأنه حفظ الله تعالى في
سابق عهده في امتثال أمره واجتناب نهيه فكان
له من الرصيد المشرق ما يغسل أثر
الفعل .. قال تعالى ( فلولا أنه كان من المسبحين
للبث في بطنه إلى يوم يُبعثون )
فتأمل أخي الحبيب هذا الحفظ الرباني
لتنظر بعين بصيرة عظمة هذا الاسم وجمال التعبد
لله تعالى به .. فبحفظ أوامر الحفيظ
بقدر حفظ الله لعبده الحقير ..
( نجا من قطــــــاع الطرق واللصــــــوص
)
الصابوني إمام عظيم من أهل السنة
والجماعة ورأس في الديانة والمعتقد يقول :
( منذ صح عندي أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان يقرأ بسورة الجمعة والمنافقين
في ركعتي صلاة العشاء ليلة الجمعة ما
تركت قراءتهما فيهما ..
قال : وكنت في بعض الأسفار المخوفة
وكان أصحابي يفرقون من اللصوص وقطاع
الطريق ويُنكرون علي التطويل بقراءة
السورتين وغير ذلك فلم أمتنع عن ذلك ولم أنقص
شيئا مما كنت أواظب عليه في الحضر فتولانا الله بحفظه ولم تلحقنا آفة )
الطبقات للسبكي (4/275)
فصرف الله أعين الجناة بلطيف حفظه
وجميل فضله .. ( إنه هو البر الرحيم )
( جاوز المائة ويفعل ما يريــــــــد )
وهذا أحمد الصالحي أحد العلماء الصالحين
.. يقول عنه الذهبي :
( وكان فيه دين وملازمة للصلاة ويصوم
تطوعا وقد صام وهو ابن مائة سنة رمضان
وأتبعه ستا من شوال وكان حينئذ يغتسل
بالماء البارد ولا يترك غشيان الزوجة )
الدرر الكامنة (1/87)
وكيف لابن المائة أن يفعل هذا الفعل
إلا لدوامه على دين الله ورعايته لطاعته فحفظ
الله هذه الجوارح لعبده الصالح ..
ولئن كان الجزاء من جنس العمل كما
قال تعالى ( أوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي
فاتقون ) فجزاء من حفظ الله أن يحفظه
الله في جوارحه ونفسه وأهله وماله ..
( وآخر جاوز المائة في كامل قوتــــــــه
)
قال الشيخ عطية سالم رحمه الله ( وقد
تواتر عند العامة والخاصة أن حافظ كتاب الله
المداوم على تلاوته لا يُصاب بالخرف
ولا الهذيان ..
وقد شاهدنا شيخ القراء بالمدينة
المنورة الشيخ حسن الشاعر لا زال على قيد الحياة
عند كتابة هذه الأسطر تجاوز المائة
بكثير وهو لا يزال يُقرئ تلاميذه القرآن ويعلمهم
القراءات العشر وقد يسمع لأكثر من
شخص يقرأون في أكثر من موضع وهو يضبط
على الجميع ) تكملة أضواء البيان
(9/144)
فتدبر يارعاك الله أسماء الله تعالى
وصفاته وتأمل حوادثه في خلقه وأفعاله ترى ما يُبهرك
ويزيد يقينك ويُنقي إيمانك ..
وصور حفظ الله تعالى في المأثور
والمنظور غير محصور .. فداوم على أمر الله تعالى
واجتنب نهيه خير لك واحفظ لله لك ..
ولما كان يعقوب القدوة في حفظ الله
تعالى سرا وجهرا وصدق في توكله حين قال ( فالله
خير حافظا وهو أرحم الله الراحمين )
كان عوض الله له وحفظه لحبيبته
وحبيبيه أن رد له العينين وقرهما برؤية الولدين
وهذا من بديع حفظ الله ..
والحمد لله رب العالمين
[/size]